تعتبر الآية الكريمة 190 من سورة البقرة، "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، من المحطات القرآنية الجوهرية التي ترسم منهجًا إلهيًا واضحًا للمسلمين في التعامل مع الاعتداء. تؤكد هذه الآية على مبدأ الدفاع المشروع عن النفس والأرض والعرض، وتشرع القتال في سبيل الله حصراً ضد المعتدين الذين يبدأون بالعدوان على المسلمين. ولكنها في الوقت ذاته تضع قيدًا بالغ الأهمية، وهو النهي الصريح عن الاعتداء أو تجاوز الحدود الشرعية والأخلاقية في هذا القتال. فالجهاد في الإسلام ليس دعوة للعدوان أو ترويعاً للآمنين، بل هو رد فعل مشروع ومحدود بضوابط إلهية صارمة. إن قوله تعالى "ولا تعتدوا" يمثل حجر الزاوية في فهم مفهوم الجهاد، فهو ليس قتلاً عشوائيًا ولا تدميرًا شاملاً، بل قتالٌ له ضوابطه الإنسانية والأخلاقية. ويشمل هذا النهي الاعتداء على المدنيين الأبرياء، وتدمير البيئة، والمبالغة في القتل بعد انتهاء الحاجة الدفاعية. تذكرنا هذه الآية بأن الإسلام دين العدل والرحمة والاعتدال، حتى في أوقات الصراع والجهاد، وأن المبالغة والظلم مرفوضان تمامًا في منهجه. كما أنها تحذير للمسلمين من الوقوع في فخ التطرف والغلو في الدين، وتدعوهم للالتزام بالضوابط الإلهية في كل شؤونهم. إنها دعوة للتوازن والحكمة في التعامل مع الأعداء، وتأكيد على أن الله سبحانه وتعالى لا يحب المعتدين، سواء كانوا من المؤمنين أو غيرهم. هذه الآية نبراس يهدي الأمة للتعامل بحكمة وعدل حتى في أحلك الظروف، ويحفظ للإسلام صورته السمحة كدين يدعو للعدل والسلام.
2025/04/27
240
0
- مركز دعوة الصينيين