تُسلّط الآيتان الكريمتان 26 و 27 من سورة الحجر الضوء على حقيقة جوهرية تتعلق بأصل خلق الإنسان والجن، مُقدّمةً بذلك دروسًا عميقة في القدرة الإلهية والحكمة الكونية. تُبيّن الآية 26 أن الله تعالى خلق الإنسان من "صلصال من حمأ مسنون"، أي من طين يابس يصدر صوتًا عند النقر عليه، وهو طين أسود متغير اللون ذو رائحة، ما يُبرز دقة الصنع الإلهي وعظمة القدرة التي أوجدت هذا الكائن المعقد من مادة تبدو بسيطة ومهينة. وفي المقابل، تأتي الآية 27 لتُخبرنا عن أصل الجن، مُشيرةً إلى أنهم خُلِقوا "من نار السموم"، أي من نار حارقة شديدة الحرارة تنفذ إلى المسام ولا دخان لها، وذلك "من قبل" خلق الإنسان. هذا التباين الواضح في مواد الخلق – الطين الترابي للإنسان والنار الملتهبة للجن – يُسلّط الضوء على اختلاف طبيعة كل منهما، ويُعطي بصيرة عميقة في حكمة الله البالغة في تنويع مخلوقاته وقدرته على الإبداع اللامحدود، ويُعدّ تذكيرًا دائمًا للإنسان بأصله المتواضع وشكر نعمة الوجود.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" .