سورة الكوثر
سورة الكوثر، أقصر سور القرآن الكريم عددًا، إلا أنها من أعظمها قدرًا ومعنىً، تحمل في طياتها بشائر عظيمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته. نزلت هذه السورة المكية المباركة في ظرف عصيب، لتطمئن قلب المصطفى بعد ما تعرض له من أذى وسخرية كفار قريش. لقد جاءت كنزًا من الطمأنينة الإلهية، حيث بشره الله تعالى فيها بالعطاء الجزيل والخير الوفير، ممثلاً في "الكوثر". هذا النهر المبارك في الجنة، أو الخير الكثير الذي لا ينقطع، هو هبة إلهية خالصة لسيدنا محمد، تليق بمكانته العالية. وأمرته الآيات الكريمة بالتوجه الكامل إلى ربه، فأمرته بالصلاة شكراً لله وحده، والنحر اعترافاً بعظيم هذه النعم وامتثالاً لأمره. تتوج السورة رسالتها بإنصاف إلهي حاسم، مؤكدة أن مبغض النبي وشانئه هو الأبتر حقاً. فكلمة "الأبتر" هنا تشير إلى المنقطع ذكره وعمله الصالح، والمنبوذ من رحمة الله وبركته وخيره في الدنيا والآخرة. وعلى النقيض، فإن ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومكانته ستبقى خالدة شامخة إلى يوم الدين، تتناقلها الأجيال. فيا لها من سورة جامعة، ترفع شأن المتقين والمؤمنين وتوعد المتكبرين والظالمين. إنها دعوة للتضرع والشكر، وتأكيد على أن نصر الله قادمٌ لا محالة للمتقين الصابرين، وأن الخير باقٍ لأهل الحق.